أنواع أورام الساركوما وأفضل الأساليب الحديثة لعلاجها

الأستاذ الدكتور محمد سعد العشري

 أستاذ علاج الأورام بكلية الطب بجامعة المنصورة – المدير الإكلينيكي لمجموعة مراكز أمل لعلاج الأورام – عضو الجمعية الأمريكية لعلاج الأورام – عضو الجمعية الأوروبية لعلاج الأورام – الرئيس السابق للجمعية الإكلينيكية الدولية لعلاج الأورام

أنواع سرطان ساركوما الخبيث

المحتويات

تُعتبر أورام الساركوما من بين أكثر الأورام الغامضة والمثيرة للاهتمام في عالم الطب، على الرغم من ندرتها مقارنةً بأورام أخرى، لكن في الواقع إن سرطان ساركوما الخبيث يشكل تهديداً صحياً خطيراً بسبب تنوعه وتعقيداته، كذلك تأثيره الخطير على حياة المرضى يجعله موضوعًا يستحق الدراسة والبحث!
في هذا المقال، سنتناول أنواع أورام الساركوما، حيث تتنوع لتشمل مجموعة واسعة من الأنسجة، بدءًا من العضلات والعظام وصولاً إلى الأنسجة الرخوة، كما نكشف عن خصائص كل نوع، وأحدث أساليب العلاج المتاحة لها.

ما هي الساركوما | تعرف على أورام الساركوما وأماكن ظهورها

الساركوما هي أحد أشكال السرطان الذي يسبب نمو وتطور الأورام الصلبة، والتي تنشأ في الأنسجة الضامة للجسم مثل العضلات، العظام، الأوتار، الغضاريف، الأوعية الدموية، والأنسجة الرخوة الأخرى، حيث تتكون بشكل رئيسي في الأنسجة التي تدعم أو تربط الأعضاء أو الهياكل في الجسم.

تشير الجمعية الأمريكية لعلم الأورام:

أن حوالي 60% من أورام الساركوما تبدأ في الذراع أو الساق، و30% منها تبدأ في البطن أو الجذع، و10% فقط تبدأ في الرقبة أو الرأس.
تُعد الساركوما نادرة عند البالغين، وفقًا للجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريري (ASCO)، فإن سرطان ساركوما يمثل حوالي من جميع سرطانات البالغين، ولكنه أكثر شيوعًا عند الأطفال، حيث يمثل حوالي 15٪ من جميع سرطانات الأطفال.

أنواع الساركوما

هناك أنواع مختلفة من الساركوما قد تصل إلى أكثر من 70 نوع، ولكن بشكل عام يمكن تصنيفها إلى نوعين رئيسيين؛ هما ساركوما الأنسجة الرخوة وساركوما العظام.
تعتمد الأعراض على النوع الذي يصيب الإنسان، ولكنها جميعًا تشترك في وجود الألم ووجود كتلة أو ورم.

ساركوما الأنسجة الرخوة

هو النوع الأكثر شيوعًا من سرطان ساركوما الخبيث ويؤثر على الأنسجة التي تربط أو تدعم أو تحيط بأي من أجهزة الجسم، ويمكن أن يظهر في الدهون والعضلات والأوعية الدموية وأنسجة الجلد العميقة والغضاريف والأوتار والأربطة.

من أشهر أنواعها:

  • الساركوما الوعائية Angiosarcoma: يؤثر هذا النوع على الأوعية الدموية أو اللمفاوية والتي تتطور في الخلايا التي تكوّن جدران خلايا الدم أو الأوعية اللمفاوية.
  • الساركوما العضلية الملساء Leiomyosarcoma: تُعرف أيضًا بـ سرطان ساركوما البطن، يتطور هذا النوع في العضلات الملساء للأعضاء في منطقة البطن أو الحوض أو الرحم.
  • الساركوما الشحمية Liposarcoma: وهي خاصة بالأنسجة الدهنية، وغالبًا ما تبدأ في الفخذ أو خلف الركبة أو في الجزء الخلفي من البطن.
  • الساركوما الزلالية Synovial sarcoma: تتطور في الخلايا القريبة من المفاصل والأوتار وقد تكّون ورمًا في الخلايا الجذعية.
  • الساركوما العصبية الليفية Neurofibrosarcoma: يؤثر هذا النوع على البطانة الواقية للأعصاب.
  • الساركوما الليفية fibroblastic sarcoma: وهي الأورام التي تتطور في الأنسجة الليفية في الجسم (خلايا في النسيج الضام)، غالبًا في الأطراف والجلد والجذع.
  • الساركوما العضلية المخططة Rhabdomyosarcoma: يتكون هذا النوع في الخلايا المكونة للعضلات الهيكلية.
  • ساركوما كابوزي Kaposi’s sarcoma: هي ساركوما الجلد، حيث تؤثر بشكل أساسي على الجلد ولكنه يمكن أن يحدث في أنسجة أخرى، يحدث غالبًا لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، مثل الأشخاص المصابين بالإيدز.
  •  الساركوما الظهارية Epithelioid sarcoma: وهي ورم في الأنسجة الرخوة والتي تكون غالبًا موجودة تحت جلد الإصبع أو اليد أو الساعد أو أسفل الساق أو القدم.
  • ورم ستروما الجهاز الهضمي Gastrointestinal stromal tumor: يؤثر هذا النوع من الساركوما على الخلايا العصبية العضلية المتخصصة في الأمعاء، ويبدأ في الجهاز الهضمي غالبًا عند الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و80 عامًا.

ساركوما العظام

هي نوع من الأورام السرطانية التي تنشأ في العظام، تعتبر الساركوما العظمية نوعًا نادرًا من السرطان، وغالبًا ما تصيب الأطفال والمراهقين، لكن يمكن أن تظهر أيضًا لدى البالغين.
من أشهر أنواعها:

  • ساركوما يوينغ Ewing sarcoma: التي تتطور في الأنسجة الرخوة غير الناضجة أو خلايا العظام في منطقة الحوض أو الساقين.
  • ساركوما الغضروف Chondrosarcoma: والتي تتطور في خلايا الغضاريف.

الفرق بين ساركوما الثدي وسرطان الثدي

ساركوما الثدي هي نوع نادر من الأورام التي تنشأ في الأنسجة الداعمة للثدي، مثل الأنسجة الرخوة (العضلات، الأوتار، الغضاريف، والدهون).
هذه الأورام نادرة جدًا في الثدي، وتشكل جزءًا صغيرًا فقط من إجمالي الأورام التي تصيب الثدي.

أما سرطان الثدي فهو ينمو في خلايا الغدد الثديية أو القنوات اللبنية، وينمو بشكل ابطأ من الساركوما وهو من الأورام الشائعة جدًا في الثدي.
هذا يعني أن ساركوما الثدي لا تُعد من الأنواع التقليدية لسرطان الثدي!

هل الساركوما مرض خبيث؟

بالطبع الساركوما هي مرض خبيث، فهي نوع من الأورام السرطانية التي يمكن أن تكون خطيرة وتنمو بسرعة، فهي عبارة عن خلايا غير طبيعية تنمو بشكل غير منتظم وقد تنتشر إلى الأنسجة أو الأعضاء الأخرى في الجسم مثل الرئتين والكبد والعظام، هذا الانتشار هو ما يجعل الساركوما مرضًا خبيثًا ومعقدًا في علاجه.

هل جميع أنواع الساركوما خبيثة؟!

هناك بعض الأنواع النادرة من الساركوما التي يمكن أن تكون حميدة، بمعنى أنها لا تنتشر ولا تشكل تهديدًا خطيرًا على الحياة، مثل ساركوما العظام الحميد؛ وهو نوع نادر من الأورام التي تنشأ في العظام، لكنه لا يتميز بالخصائص الخبيثة (السرطانية) التي تسبب الانتشار إلى الأنسجة أو الأعضاء الأخرى في الجسم.

هل الساركوما مرض وراثي؟

لا توجد إلى الآن دراسة توضح ما إذا كان سرطان ساركوما الخبيث مرض وراثي أم لا، ولكن في بعض الحالات قد يرث الشخص جينات قد تزيد من احتمالية إصابته بالساركوما.
على سبيل المثال، يعاني الأطفال المصابون بمتلازمة الورم الشبكي العائلي (familial retinoblastoma syndrome) من طفرة جينية تجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالساركوما العظمية.

علاج الساركوما: أحدث التقنيات الطبية للتعامل مع هذه الأورام

في السنوات الأخيرة، شهدت علاج أورام الساركوما تقدمًا كبيرًا بفضل التطور التكنولوجي والعلمي في مجال الطب.
تتنوع العلاجات وفقًا لنوع الساركوما، موقعها، ومرحلة المرض، ويمكن أن تشمل مزيجًا من الجراحة، والعلاج الكيميائي، والعلاج الإشعاعي، بالإضافة إلى العلاجات المتقدمة مثل العلاج المناعي والعلاج الموجه.

العلاج الجراحي

لا يزال التدخل الجراحي هو الأساس في علاج الساركوما، خاصةً مع تطور تقنيات الجراحة المجهرية أو الجراحة التوجيهية، أصبح بإمكان الأطباء إزالة الأورام بدقة كبيرة مع الحفاظ على الأنسجة السليمة قدر الإمكان، كما يعمل هذا الإجراء على تقليل فرصة عودة الساركوما في نفس المكان والحفاظ على أعلى مستوى ممكن من الوظيفة والحركة.

العلاج الإشعاعي

عادةً ما يُستخدم العلاج الإشعاعي بالتنسيق مع العلاج الجراحي لعلاج الساركوما خاصةً في الأنسجة الرخوة، يساعد هذا النهج على منع تكرار الورم في نفس المكان.
أصبح من الممكن الآن توجيه الإشعاع بشكل أكثر دقة إلى الورم مع تقليل تأثير الإشعاع على الأنسجة السليمة المحيطة.

العلاج الكيميائي

يُعد العلاج الكيميائي حجر الزاوية في علاج ايونج ساركوما، حيث يدخل ضمن بروتوكول علاج ايونج ساركوما بشكل أساسي.
يستخدم العلاج الكيميائي لتقليص حجم الورم قبل إجراء الجراحة، مما يسهل عملية إزالة الورم، كما يعمل على القضاء على أي خلايا سرطانية محتملة متبقية قد تكون قد انتشرت إلى مناطق أخرى بعد الجراحة.

العلاج بالبروتون

العلاج بالبروتون هو شكل من أشكال العلاج الإشعاعي الذي يستخدم شكلًا مختلفًا من الطاقة عن علاجات الإشعاع الأخرى.

العلاج المناعي

العلاج المناعي أصبح أحد التطورات المذهلة في علاج السرطان بشكل عام، بما في ذلك الساركوما، حيث يعمل على تحفيز جهاز المناعة لدى المريض للتعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها.

العلاج الجيني

العلاج الجيني هو مجال ناشئ جديد في علاج الساركوما، حيث يتم تعديل الجينات داخل الخلايا السرطانية لاستهداف الطفرات التي تسبب نمو الورم، على الرغم من أن هذا المجال لا يزال في مراحل تجريبية، فإن التقنيات الجينية الحديثة توفر آفاقًا جديدة في معالجة الأورام المقاومة للعلاج.

العلاج المستهدف

يتضمن العلاج المستهدف استخدام أدوية تعمل على استهداف البروتينات أو الجينات الخاصة التي تساعد الخلايا السرطانية على النمو.

كم يعيش مريض سرطان الساركوما؟

مدة بقاء مريض سرطان الساركوما تعتمد بشكل كبير على عدة عوامل، بما في ذلك نوع الساركوما، حجم الورم، وموقعه، المرحلة التي تم تشخيصه فيها، فكلما كان التشخيص في مرحلة مبكرة كلما كانت فرصة استجابة المريض للعلاج أكبر، وعوامل أخرى مثل العمر والصحة العامة للمريض. يمكن أن تتفاوت نسب البقاء على قيد الحياة بشكل كبير بين المرضى بناءً على هذه العوامل.

نسبة الشفاء من سرطان الساركوما

تختلف نسبة الشفاء من سرطان الساركوما الخبيث باختلاف النوع الذي يُصاب به الشخص.

ساركوما الأنسجة الرخوة

في المراحل المبكرة، نسبة البقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات للمرضى الذين يخضعون للجراحة قد تصل إلى 80-90%.
في المراحل المتقدمة (عندما ينتشر الورم)، تقل نسبة البقاء على قيد الحياة وقد تصل إلى 50-60% في غضون 5 سنوات.

ساركوما العظام

في المراحل المبكرة، يمكن أن تكون نسبة البقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات حوالي 70-80% في حالة إجراء الجراحة والعلاج الكيميائي.
إذا كان الورم قد انتشر إلى أماكن أخرى (مثل الرئتين)، فإن نسبة البقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات تتقلص إلى حوالي 30-40%.

في ختام مقالنا عن أنواع أورام الساركوما، نجد أن هذا النوع من السرطانات يمثل تحديًا طبيًا كبيرًا نظرًا لتنوعه وانتشاره في الأنسجة المختلفة، فمن ساركوما العظام إلى ساركوما الأنسجة الرخوة، تتعدد الخيارات العلاجية التي تشمل الجراحة، العلاج الكيميائي، والعلاج الإشعاعي، مع تطور مستمر في استخدام العلاجات المستهدفة والعلاج المناعي. مع ذلك، يظل سرطان الساركوما الخبيث من الأورام التي تتطلب استجابة سريعة وفعّالة لضمان أفضل فرص للنجاة.

المصادر العلمية:

https://www.moffitt.org/cancers/sarcoma/faqs/what-are-the-different-types-of-sarcoma/

https://www.canceraustralia.gov.au/cancer-types/sarcoma/types

Scroll to Top